نبذة عن الادب الليبي
صفحة 1 من اصل 1
نبذة عن الادب الليبي
ربما هي فرصة مثيرة للاهتمام لدراسة الأدب الليبي الذي لم يصلنا منه إلا القليل وبصراحة انها المرة الاولى التي أتعرف فيها على الادب الليبي فلم ازر ليبيا من قبل لكي استشعر بنسماتها وهدوءها وضجيجها الذي يميز كل بلد عن غيرها لان لكل بلد نكهتها المميزة التي لاتشبه احدا غيرها. الادب الليبي في هذه القراءة العجالة ربما يشف عن صورة جانبية عن تلك البلاد البعيدة ولان السفر الى هناك مكلف فربما سفرنا عبر الادب اسهل وامتع . ومن هنا جاءت قراءاتي السريعة للكاتب الذي اتيح لي ان اتعرف على ادبه عبر منتدى مشاهير الادب لصاحبة نافع العطيوي ورغم ان ادباء ليبيا الذين نقرأ لهم بالمنتديات ليس كبيرا وكما ينبغي في بلد تهتم بالمثقفين وتدعمهم ….. ولكن مالفت نظري اسم لا يتجادل فيه اثنان ويحتفي فيه الجميع وهو (الصادق النيهوم ) احتفاءا يكاد يشابه احتفاء الفلسطينين بمحمود درويش . ولي عودة لقراءته مستقبلا ان شاء الله. هنا في" سمار بنت البحر" للكاتب محمد السنوسي الغزالي والتي عرض اكثر من نصفها في احدى المنتديات وجدت نفسي مندمجة لاسلوب الكاتب الرشيق واستمتعت فعلا بتنوع سرده على لسان ابطاله الذين جمعتهم بنت البحر وفرقتهم اما كيف حدث ذلك!!! فلندخل في باب حكايته التي تركها مفتوحة حتى الآن . في الرواية او الحكاية كما احب الكاتب ان يسميها لابد من اكتمال عناصر القص من بداية و مكان وزمان وحدث ونهاية فكانت بداية الحدث ظهور سمكة ذات راس مستدير مثل كرة التنس تتقافز امامهم في احدى شواطى مدينة بنغازى . وكانت سببا لاجتماع شمل ابطال الحكاية في رحلة سمر وسهر طويلة تحت كوخ صنعوه من سعف نخيل اللثامة وصار لهم مكانا يقصدونه حيث تلتم الشلة هناك. في داخل هذا الكوخ المتهاوي الذي سمع قصصهم واشواقهم واشعارهم الشعبية وقصص حدثت وقصص ستحدث كانت بداية حكاية طويلة متوجه بقصة عشق برويها بطلها الرومانسي احميدة . نعم …. كل يروي حكايته و احداث يومه و افراحه واتراحه ….. اسراره وخفاياه ومدائنه وفلتات لسانه تفصح عما بداخله فتسمعها مياه شاطىء الشابي وترجع صداها الينا_ نحن الجالسون- في بيوتنا ننتظر حلقاتها في متعة وشوق لا ينتهي . ولتكتمل عناصر القصة لابد من حدث يتطور على امتداد صفحات الحكاية فلا بد ان يجمعهم شيء ليعودوا اليه ومن هنا نجح الكاتب في تصاعد الخط البياني للتشويق من محور الحكاية التي اجتمعت الشلة حولها والذي تصاعد مع اختفاء كمباري وحضور شرطي للبحث عنه ,وظهوره مجددا في عزاء ياسمينة متخفيا لنتتظره في النهاية والتي لابد ان تنهي توقعاتنا وافتراضاتنا في نهاية متوقعة او نهاية مفتوحة . وربما الاكثر ادهاشا في هذه الجكاية "كيف لسمكة ان تجعل اكثر من عشر شخصيات يجتمعون للسمر لعشر سنوات و كيف فرقتتهم .. هنا مكمن السر ومن هنا جعلنا الكاتب ننتظر النهاية يقول الكاتب في احدى سطور حكايته": " مجتمع صغير صنعته هذه الشلة بحجة بنت البحر ، لكن الحجج قد تتراكم ،هناك الملل والوحدة والشعور بالاغتراب والوحشة كما يقول ابوالفشنك الصعيدي في القراءة السريعة هذه … تدخلك الحكاية في ازقة بنغازي فتعرف احياءها وحواريها ابتداء من (الماجوري والبركة والصابري وسيدي حسين والفعكات والسكابللي والريمي و براريك الكيش و اللثامة و الماجوري و الصابرى وراس اعبيدة و توريللى). هذه الاحياء تنقلنا مع حركة شخصياتها الى وسط المدينة تلك الشخصيات المتعددة … صار لها حضور جميل … وبتنا ننتظر تفاصيل احداثها المشوقة واحداث شخصيات اخرى تحكى عن عائلاتها …. فالحكاية طويلة واجدها اجمل لانها كما يقول الكاتب غريبة على مجتمع بنغازى وبسيطة لانها قد تحدث في بقع اخرى من العالم ولكن يظل كما قلنا لكل بلد نكهته المميزة واسلوب حياته ومظاهرها المنفردة. و المجموعة تشكل فئات متنوعة من البشر فالتشوش شاعر وكمباري بحار وكمساري نجار و (ايه الحكاية) حارس والبوكسياري ملاكم و فتحي ابو البنات حمال وفرج الحوات شرطي متقاعد وهو مثقف يقرأ الروايات الكلاسيكية وابو الفشنك الصعيدي و جنقوله وامبية, و حتى اصغرهم سنا و هو احميدة وهو الأكثرهم رومانسية. حيث يستغرق الكاتب في سرد اهاته واشجانه في رحلة عاطفية مكللة بالفشل كأغلب قصص الحب من طرف واحد. … هم هؤلاء ابطال الحكاية البسطاء الذين يفترشون الحصائر على شاطىء الشابي يثرثرون و يتحاورون ,وقد يغضبون ويتجادلون ,وقد يتخاصمون … هؤلاء هم نواة كل القصص الناجحة . حتى اسماء الشلة ولو توقفنا عندها لو وجدنا ان لها خصوصية ليبية خالصة و منفردة ويعزى هذا لطبيعة صلب الحياة الاجتماعية لمدينة بنغازي حيث لها انفرادها وتميزها والذي تتج عن ذلك انفرادها ياسماء لا تتكرر في الاقطار العربية مثل ابو الفشنك و البوكسياري و كمباري …. ربما تكون اسماء لصفات او القاب لانعرف ,وربما تكون اسماء ليبية خالصة وحتى احميدة هو اسم دلع غير منتشر . وصف للحياة الاجتماعية في ليبيا . في تلك القراءة السريعة للحكاية الجميلة استطاع الكاتب الغزالي بحنكته الابداعية وقدرته المدهشة في وصف ما يستصعب علينا في تعريفنا على المناخ الاجتماعي السائد في بلد تبعدنا عنها المسافات والاميال … ولكنها حاضرة في الحلم العربي دائما . …. يصف كاتبنا عودة (ايه الحكاية) من مصر حيث ولد هناك مع اسرته الى ليبيا على امل التعويض المجزي فلم يحصل على شيء اكثر من انه اصبح اجيرا يعمل باليومية ويصف لنا قصة لقبه بهذا الاسم ومخبرا ايانا عن وصف عنصري يطلق على العائدين من المهجر ب(l.b)ويعني ليبي بترول … وهذا كشف عن الذات المليئة بالعقد والحسد ازاء العائدين من المهجر كما في كل البلاد في نظرتها للمغتربين على انهم بنوك تكتض بالدولارات او خزائن ذهب مكدسة. وايضا اتيح لنا على خلفية الخلاف الذي حصل بين فتحي مع (ايه الحكاية )وكاد ان يتطور الى عراك بالايدي ان نتعرف على ظاهرة اجتماعية تنفرد بها دول قليلة منها مصر حيث يصرخ فتحي المثقل بمصاريف بناته الست صارخا: " انتم الذين اتيتم لنا بهذه العادات المُكلفة…. كنا في خير و سلام حتى علمتمونا قصة جهاز البنت" ولاننسى في وصف بوكسياري لوالده الشيج جبريل حيث يصف الحياة الاسرية والاجتماعيةالسائدة لمجتمع بنغازي حيث يقول :"وياسمينة ام (البوكسياري) حكايتها حكاية لاتسمعهاالا امرأة تشعر بأنها ياسمينة ذاتها " معمما ان مايحدث لياسمينة يحدث لكل النساء هناك ,وكأن الامرأة صفقة تستفيد بزواجها عائلتها في حين لاتحظى هي الا ان تكون خادمة ولكن للطف الكاتب وادبه الجم فاستخدم لقب موظفة, حيث ذكر ثلاث من مهماها الوظيفية غير صنع القهوة بدون سكر كل صباح فهناك تدليك ارجل الشيخ (اشم رائحة عبودية هنا _عبودية قديمة_) و الطبخ ثلاث مرات باليوم والتربيت على ظهره قبل النوم (يعني مساج _ وكان الامراة لاينقصها عمل اضافي) …. وكل ذلك لقاء ان يذهب اباها للندن ,وامها التي تقوم بفرائضها الربانية بالمسير للحج على نفقة الشيخ جبريل في حين لا تنال ياسمينة شيء لقاء صفقة غير عادلة لم تعجب الراوي فعلق عليها بقوله:" 13517 "الجميع يأخذون باسم ياسمينة التى لم تعرف الحج ولم تسمع عن لندن .. ولم تخرج من البركة". …. يقول بوكسياري واصفا زواج ابوه من امه ياسمينه- لاحظ هنا دور تلك اللمة في بوح الذات دون خجل او استخدام اساليب المراوغة لتخبئة ما يؤرقها حيث يصف زواج امه وكأنها جارية اشتراها ابوه من السوق يقول: الموضوع الأصلى من هنا: منتديات البنفسج "الشيخ الوقور له زوجتان،الاولى تزوجها فى شبابه ، الثانية اشتراها من السوق ( على حد قوله ) لاحظ هنا الكاتب يرفع يده عن هذا التجني مبرءا نفسه قائلا (على حد قوله) عندما جاءت ذات نهار برفقة امها تبحثان عن وصفة لسوء الحظ أو لقلته …. لاحظ هنا طبيعة هذا المجتمع الذي ما زال يؤمن بالخرافات ككثير من البلاد العربية المتخلفة , حيث ترتاد النسوة مواقع الحجب والكشف عن الحظ وبعد قليل سنكتشف ايضا ان احميده وقع وراء ذلك الفخ المسمى بالاحجبة والتعاويذ ويكمل بوكسياري متابعا: "اعطاهما الشيخ الوصفة بأن اشترى الفتاة من امها مقابل الحج الى مكة ، فالإمراة تباع وتشترى كأي سلعة او كأي قطعة اثاث في البيت كما صرح العقيد معمر القذافي في احدى لقاءاته مع مجموعة اعلامية اوروبية. تبرز المشاركة الاجتماعية كمجتمع متضامن في النكبان كما كل البلاد العربية هنا يكشف لنا النص ظاهرة المواساة لاهل الفقيد حيث يلتم الاصدقاء في بيت العزاء ولا يبخلون بشيء,فعندما ماتت ياسمينة ام بوكسياري كانت الشلة موجودة حوله ملتفة حوله و متضامنه ضد مصابه الجلل فوقفت معه بشهامة وكرم وقدم كل منهم مايستطيع تقديمه …. نعم قد تشعر او بالاحرى بساطة ما قدم ولكن القيمة المعنوية انهم حتى في المصاب الجلل لم يتفرقوا . يقول احميدة: "بوكسياري لم يكن يحتاج الى المال كان يحتاج الى هذه اللمة" القراءة النفسية لابطال سمار بنت البحر. يكشف النص في تتابع سرده المحكم قدرة طيبة في الغوص في النفسية الانسانية ومعرفة نقاط ضعفها وقوتها ولا يخفى ما يملكه الكاتب من ثقافة نفسية اجاد فيها فظهرت على لسان ابطاله كاشفة عن موطن الخلل والتوتر الذي تعاني منه الشخصيات في ابتكار اساليب التنفيس عن نوازعها الخفية وحواراتها الداخلية. " عند بدء الليل تلتف اسرةالشيخ حول التلفزيون ، بما فيهم الحاجة ( مرضيه) زوجته الاولى والتى تتساءل بينها وبين نفسها في خبث:كيف نفع جبريل مع ياسمينة؟؟!!" هنا يكشف نوازع امراة تغار في حوارها الداخلي مع نفسها, وهناك مقطع يصف فيه ابو الفشنك الصعيدي , وهو يؤكد دائما متباهيا بنسبه في اوقات السمر والنشوة انه من بني مر مثل عبد الناصر تماما ولكنه في اوقات اخرى عندما يواجه نفسه يقول اشياء اخرى ,يتبرأ من كل جذوره كماهم الكثيرين ممن يعانون من تناقض ذواتهم المتطلبة للنزعات والاهواء مع متطلبات الالقاب والانساب والعائلات. ….وهنا قراءة نفسية لكل من يتشدقون باصول عائلاتهم وبينهم و بين انفسهم…. يقولون فلتذهب الى الجحيم ,لان "الادب اغلى من النسب " كما يقول الغزالي دائما. ان قدرة الكاتب الملمة بالقراءات النفسية لشخوص ابطاله تطول حتى النساء وما يحاك في صدورهم , ففي معرض وصفه لما يختلج قلب عزيزة من غيرة يقول: " عزيزة غيرت تقنيات الاعيبها لكن اوراقها ظلت مكشوفة ، وبقيت بنت البحر غصة في حلقها حتى اخذتها العاصفة الى المحيط ، استطاع احميدةان يستكني كل هذا الذي في داخل عزيزة. هنا وصف لمكر الانثى التي تغير جلدها حسب مصلحتها ولكن على من !!! فاحميده شاهد على بواطنها فذات مرة في لحظة صدق قالت له : متي يبتلعها البحر ونرتاح… إنها شوك سام لاشفاء منه. يقول ايضا : "كان يلتقي سلمى خلسة وكأن الذي بينهما عشق مُتجلي ، علاقة غريبة في مجتمع مُصاب بالفصام في كل علاقاته ، لا يلتقى الرجل و المرأ ة الا اذا كان ذلك الملعون ثالثهما ، اطلاقية غريبة هذه وكأن هذا الملعون لايغفو !! لكنه فعلا لم يكن ثالثهما، كان الود هو الذي يجمع سلمى واحميدة وليس غيره لكن من يصدق"؟؟ . نعم من يصدق في مجتمع ما زال يشن حرابه لامراة لمجرد انها تكلم رجلا على انفراد حيث ان شيطانهم الشكاكة هي التي تكون موجودة في عقولهم المريضة وحاضرة على الدوام . … هنا في هذه الفقرة القصيرة تعرية لمجتمع مراوغ ومتسلط و مريض بالذكورة والاستبداد الجاهلي وقي كلمات لخصها نزار "يجمعهما سرير واحد … تسقط البنت ويبقى الولد." ….. في النهاية يقول احميده عن فعل الحب وكيف يهذب من سره انفسا ويسمو بها عن طريق الزلل قائلا :" "وبدلا من ان تكون الشباك تحيط بحوريته احاطت به وقيدت روحه واصبح مُخلصا لحب لا تفهمه هي حتى!!، حرم علاقاته بكل النساء من اجلها ، كان يؤمن بأن حبه من الخيانة ان يتلوث بعلاقة اخرى حتى ولو لم تطالبه بنت البحر بذلك ، صنعت له ضمير من احلام دافقة .اعتقد انها حالة فريدة و غير متوفرة دائما ان تجد رجلا لايخون . انها بنت البحر التي احبها احميدة وخذلته….. و هي بنت البحر الاخرى التي جمعتهم وفرقتهم…… فاين مكمن التشبيه بينهم !!!! هذا ماسوف تجيب عنه الحكاية لحين صدورها بين دفتي غلاف انيق . وحتى ذلك الوقت نشكر المبدع محمد السنوسي الغزالي الذي يحمل اسما ثقيلا بوزنه المدجج باسلحة الثورة السنوسية والفقة والادب والحكمة الغزالية على هذه المتعة التي اتاحها لنا بنشره هذه الحكاية …. انها حقا حكاية طويلة !!! طويلة جدا وجميلة. التوقيع
????- زائر
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى