الاقصى
احلى منتدى يرحب بكم الاقصى يناديكم لبوا النداء

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الاقصى
احلى منتدى يرحب بكم الاقصى يناديكم لبوا النداء
الاقصى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الحفيد

اذهب الى الأسفل

الحفيد Empty الحفيد

مُساهمة من طرف Admin الأربعاء فبراير 16, 2011 1:58 am

الحفيد
كان عمره عامين حين صرخ:
_ماما! ماما! " العم" يطلق علي النار من بندقيته!
اندفعنا على صراخه ، رأينا أن الصغير يختبئ وراء الاريكة مرتعداَ من الخوف ، كانت ترتسم على شاشة التلفاز صورة أحدث مقلد لايزنشتين * ( تذكروا مدافع المدرعة " بوتيومكين " الموجهة الينا !).
هكذا إذن ، كان هذا المقلد العديم الموهبة لايزنشتين يوجه بندقية البطل المتعب المسود الوجه إلى الصبي مباشرة مثيراّ الذعر في نفسه.
ضممت الصغير إلى صدري :
لا تخف يا صغيري ! لا تخف يا حبيبي !هذا "العم " لن يؤذيك ، انظر ! انظر !
استمر الصغير في بكائه ، لكنه ظل مع هذا يتابع المشهد ، انطلقت من البندقية رصاصة . لم يسقط أحد منا على الأرض ، على العكس كنا نبتسم ، بل أخذت أنا نفسي أطلق النار على الرجل الشرير.
بُم ، بُم ، بُم ، بُم
خفض البطل المسود الوجه البندقية ، ونزع قبعته ، ومسح جبينه . كان واضحاَ أنه أجهد نفسه في هذا العمل غير السهل : كان المسكين يتصبب عرقا ، لكنه أخذ _ وقد انتهى من آخر عملية له _ يمسح عرقه .
جعلت اصابعي على شكل مسدس ، وبسطت يدي نحو التلفاز ، وأخذت أطلق :
_أرأيت ؟ لم يسقط منا أحد ، ولم يمت أحد ، لا هو ، ولا أنا ، ولا جدتك_ لا أحد ، بُم ، بُم ، بُم .
بعد هذه الحادثة بقينا اياماَ كاملة نسمع : _
_ بُم ، بُم ، بُم ، ترا- تا- تا – ترا – تا – تا !!
تسلح صغيرنا برشاش ومسدس وبندقية ، وظهرت لديه بعد حين بندقيات ومسدسات ورشاشات أخرى من الخشب والحديد والبلاستيك . وفي الثانية والنصف من عمره كان يسير كجندي حقيقي : يضم ماسورة بندقيته الى جنبه ، وينفخ صدره ، ويدق برجله على الارض بكل ما فيه من قوة ويردد :
واحد ، إثنان ! واحد ، إثنان ! واحد ، إثنان !.
ثم يرتمي على ارض الغرفة ويزحف هاتفا " اورا ، أورا* " ، ثم يندفع إلى الأمام ، ويطلق النار ، وهو متمدد على الارض :
ترا – تا – تا ! بُم ، بُم ، بُم !
في الثالثة من عمره أوقفني إلى جانب الحائط :
قف هنا ! إرفع يديك ! لا تتحرك ! سأعدمك الان ! ترا –تا – تا !.
ترنحت ، انحنيت ، امسكت بطني بيدي ، درت على نفسي في مكاني قليلا راسما تكشيرة الم على وجهي وسقطت . لم يقترب مني على الفور .
لكنه استجمع أطراف شجاعته بعد قليل ، فدنا مني وركلني ركلة خفيفة برجله في كتفي ، ومد ألي يده بالرشاش :-
والآن "أنت" !
- ما معنى"انت" ؟
أطلق النار !
لماذا ؟
- الآن دورك في أطلاق النار علي .
لماذا عليك ؟ أنا إنسان كبير ، عجوز . ضميري مثقل بالذنوب ، والأعمال السيئة . أما أنت ، فلماذا اطلق النار عليك ؟
كان يقف الى جانب الحائط رافعا يديه ، ويحاول جاهدا أن يعرف لماذا لا يجوز اطلاق النار عليه ، لهذا لاحت على وجهه تعابير غريبة ،مقلقة مركزة .
-اطلق النار !
- لا استطيع
تخاف !
نعم ، اخاف !
-اطلق ، أطلق !- كان على وشك أن ينفجر في البكاء ، رفعت الرشاش ، كان يقف في خفه الصغير وسرواله القصير المنتفخ جيبه بقطع من المغناطيس ، ملصقا ظهره بالحائط ، ورافعا يديه الصغيرتين وقد اغمض عينيه . في هذه اللحظة كان يمكنك ان تحصي اهدابه الصغيرة كلها هدباَ هدباَ.
-لا ، لا استطيع أن اطلق النار عليك .
فتح عينيه ، ورفع يديه إلى أعلى قليلاَ بحيث بانت سرته الصغيرة تماما تحت قميصه
-اطلق !
- لا استطيع !
-اطلق !
ادرت ماسورة البندقية إلى بطني ، وضغطت على الزناد ، بُم ، بُم وهويت على وجهي .
رايت وأنا انهض عن الارض مبتسماَ ان الصغير منكب على وجهه ، وأصابعه الصغيرة مبسوطة ، وخده الأيسر ملتصق بالارض ، ومن أنفه المعقوف يرشح الدم فوق شفتيه المفتوحتين قليلاَ ، وينساب خطاَ رفيعاَ على الارض . اطلقت صرخة بحيث هرع الجيران.
ولعجزي عن النهوض بقيت قاعداَ على الارض ، كان فتانا الصغير يعرف –الآن- ان عليه أن يتعلم كيف يصبر على الالم ، لكنه لما يكن يعرف شيئاَ عن الانتحار.


Admin
Admin
Admin
Admin

انثى تاريخ التسجيل : 25/08/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى