الحفيد
صفحة 1 من اصل 1
الحفيد
الحفيد
كان عمره عامين حين صرخ:
_ماما! ماما! " العم" يطلق علي النار من بندقيته!
اندفعنا على صراخه ، رأينا أن الصغير يختبئ وراء الاريكة مرتعداَ من الخوف ، كانت ترتسم على شاشة التلفاز صورة أحدث مقلد لايزنشتين * ( تذكروا مدافع المدرعة " بوتيومكين " الموجهة الينا !).
هكذا إذن ، كان هذا المقلد العديم الموهبة لايزنشتين يوجه بندقية البطل المتعب المسود الوجه إلى الصبي مباشرة مثيراّ الذعر في نفسه.
ضممت الصغير إلى صدري :
لا تخف يا صغيري ! لا تخف يا حبيبي !هذا "العم " لن يؤذيك ، انظر ! انظر !
استمر الصغير في بكائه ، لكنه ظل مع هذا يتابع المشهد ، انطلقت من البندقية رصاصة . لم يسقط أحد منا على الأرض ، على العكس كنا نبتسم ، بل أخذت أنا نفسي أطلق النار على الرجل الشرير.
بُم ، بُم ، بُم ، بُم
خفض البطل المسود الوجه البندقية ، ونزع قبعته ، ومسح جبينه . كان واضحاَ أنه أجهد نفسه في هذا العمل غير السهل : كان المسكين يتصبب عرقا ، لكنه أخذ _ وقد انتهى من آخر عملية له _ يمسح عرقه .
جعلت اصابعي على شكل مسدس ، وبسطت يدي نحو التلفاز ، وأخذت أطلق :
_أرأيت ؟ لم يسقط منا أحد ، ولم يمت أحد ، لا هو ، ولا أنا ، ولا جدتك_ لا أحد ، بُم ، بُم ، بُم .
بعد هذه الحادثة بقينا اياماَ كاملة نسمع : _
_ بُم ، بُم ، بُم ، ترا- تا- تا – ترا – تا – تا !!
تسلح صغيرنا برشاش ومسدس وبندقية ، وظهرت لديه بعد حين بندقيات ومسدسات ورشاشات أخرى من الخشب والحديد والبلاستيك . وفي الثانية والنصف من عمره كان يسير كجندي حقيقي : يضم ماسورة بندقيته الى جنبه ، وينفخ صدره ، ويدق برجله على الارض بكل ما فيه من قوة ويردد :
واحد ، إثنان ! واحد ، إثنان ! واحد ، إثنان !.
ثم يرتمي على ارض الغرفة ويزحف هاتفا " اورا ، أورا* " ، ثم يندفع إلى الأمام ، ويطلق النار ، وهو متمدد على الارض :
ترا – تا – تا ! بُم ، بُم ، بُم !
في الثالثة من عمره أوقفني إلى جانب الحائط :
قف هنا ! إرفع يديك ! لا تتحرك ! سأعدمك الان ! ترا –تا – تا !.
ترنحت ، انحنيت ، امسكت بطني بيدي ، درت على نفسي في مكاني قليلا راسما تكشيرة الم على وجهي وسقطت . لم يقترب مني على الفور .
لكنه استجمع أطراف شجاعته بعد قليل ، فدنا مني وركلني ركلة خفيفة برجله في كتفي ، ومد ألي يده بالرشاش :-
والآن "أنت" !
- ما معنى"انت" ؟
أطلق النار !
لماذا ؟
- الآن دورك في أطلاق النار علي .
لماذا عليك ؟ أنا إنسان كبير ، عجوز . ضميري مثقل بالذنوب ، والأعمال السيئة . أما أنت ، فلماذا اطلق النار عليك ؟
كان يقف الى جانب الحائط رافعا يديه ، ويحاول جاهدا أن يعرف لماذا لا يجوز اطلاق النار عليه ، لهذا لاحت على وجهه تعابير غريبة ،مقلقة مركزة .
-اطلق النار !
- لا استطيع
تخاف !
نعم ، اخاف !
-اطلق ، أطلق !- كان على وشك أن ينفجر في البكاء ، رفعت الرشاش ، كان يقف في خفه الصغير وسرواله القصير المنتفخ جيبه بقطع من المغناطيس ، ملصقا ظهره بالحائط ، ورافعا يديه الصغيرتين وقد اغمض عينيه . في هذه اللحظة كان يمكنك ان تحصي اهدابه الصغيرة كلها هدباَ هدباَ.
-لا ، لا استطيع أن اطلق النار عليك .
فتح عينيه ، ورفع يديه إلى أعلى قليلاَ بحيث بانت سرته الصغيرة تماما تحت قميصه
-اطلق !
- لا استطيع !
-اطلق !
ادرت ماسورة البندقية إلى بطني ، وضغطت على الزناد ، بُم ، بُم وهويت على وجهي .
رايت وأنا انهض عن الارض مبتسماَ ان الصغير منكب على وجهه ، وأصابعه الصغيرة مبسوطة ، وخده الأيسر ملتصق بالارض ، ومن أنفه المعقوف يرشح الدم فوق شفتيه المفتوحتين قليلاَ ، وينساب خطاَ رفيعاَ على الارض . اطلقت صرخة بحيث هرع الجيران.
ولعجزي عن النهوض بقيت قاعداَ على الارض ، كان فتانا الصغير يعرف –الآن- ان عليه أن يتعلم كيف يصبر على الالم ، لكنه لما يكن يعرف شيئاَ عن الانتحار.
كان عمره عامين حين صرخ:
_ماما! ماما! " العم" يطلق علي النار من بندقيته!
اندفعنا على صراخه ، رأينا أن الصغير يختبئ وراء الاريكة مرتعداَ من الخوف ، كانت ترتسم على شاشة التلفاز صورة أحدث مقلد لايزنشتين * ( تذكروا مدافع المدرعة " بوتيومكين " الموجهة الينا !).
هكذا إذن ، كان هذا المقلد العديم الموهبة لايزنشتين يوجه بندقية البطل المتعب المسود الوجه إلى الصبي مباشرة مثيراّ الذعر في نفسه.
ضممت الصغير إلى صدري :
لا تخف يا صغيري ! لا تخف يا حبيبي !هذا "العم " لن يؤذيك ، انظر ! انظر !
استمر الصغير في بكائه ، لكنه ظل مع هذا يتابع المشهد ، انطلقت من البندقية رصاصة . لم يسقط أحد منا على الأرض ، على العكس كنا نبتسم ، بل أخذت أنا نفسي أطلق النار على الرجل الشرير.
بُم ، بُم ، بُم ، بُم
خفض البطل المسود الوجه البندقية ، ونزع قبعته ، ومسح جبينه . كان واضحاَ أنه أجهد نفسه في هذا العمل غير السهل : كان المسكين يتصبب عرقا ، لكنه أخذ _ وقد انتهى من آخر عملية له _ يمسح عرقه .
جعلت اصابعي على شكل مسدس ، وبسطت يدي نحو التلفاز ، وأخذت أطلق :
_أرأيت ؟ لم يسقط منا أحد ، ولم يمت أحد ، لا هو ، ولا أنا ، ولا جدتك_ لا أحد ، بُم ، بُم ، بُم .
بعد هذه الحادثة بقينا اياماَ كاملة نسمع : _
_ بُم ، بُم ، بُم ، ترا- تا- تا – ترا – تا – تا !!
تسلح صغيرنا برشاش ومسدس وبندقية ، وظهرت لديه بعد حين بندقيات ومسدسات ورشاشات أخرى من الخشب والحديد والبلاستيك . وفي الثانية والنصف من عمره كان يسير كجندي حقيقي : يضم ماسورة بندقيته الى جنبه ، وينفخ صدره ، ويدق برجله على الارض بكل ما فيه من قوة ويردد :
واحد ، إثنان ! واحد ، إثنان ! واحد ، إثنان !.
ثم يرتمي على ارض الغرفة ويزحف هاتفا " اورا ، أورا* " ، ثم يندفع إلى الأمام ، ويطلق النار ، وهو متمدد على الارض :
ترا – تا – تا ! بُم ، بُم ، بُم !
في الثالثة من عمره أوقفني إلى جانب الحائط :
قف هنا ! إرفع يديك ! لا تتحرك ! سأعدمك الان ! ترا –تا – تا !.
ترنحت ، انحنيت ، امسكت بطني بيدي ، درت على نفسي في مكاني قليلا راسما تكشيرة الم على وجهي وسقطت . لم يقترب مني على الفور .
لكنه استجمع أطراف شجاعته بعد قليل ، فدنا مني وركلني ركلة خفيفة برجله في كتفي ، ومد ألي يده بالرشاش :-
والآن "أنت" !
- ما معنى"انت" ؟
أطلق النار !
لماذا ؟
- الآن دورك في أطلاق النار علي .
لماذا عليك ؟ أنا إنسان كبير ، عجوز . ضميري مثقل بالذنوب ، والأعمال السيئة . أما أنت ، فلماذا اطلق النار عليك ؟
كان يقف الى جانب الحائط رافعا يديه ، ويحاول جاهدا أن يعرف لماذا لا يجوز اطلاق النار عليه ، لهذا لاحت على وجهه تعابير غريبة ،مقلقة مركزة .
-اطلق النار !
- لا استطيع
تخاف !
نعم ، اخاف !
-اطلق ، أطلق !- كان على وشك أن ينفجر في البكاء ، رفعت الرشاش ، كان يقف في خفه الصغير وسرواله القصير المنتفخ جيبه بقطع من المغناطيس ، ملصقا ظهره بالحائط ، ورافعا يديه الصغيرتين وقد اغمض عينيه . في هذه اللحظة كان يمكنك ان تحصي اهدابه الصغيرة كلها هدباَ هدباَ.
-لا ، لا استطيع أن اطلق النار عليك .
فتح عينيه ، ورفع يديه إلى أعلى قليلاَ بحيث بانت سرته الصغيرة تماما تحت قميصه
-اطلق !
- لا استطيع !
-اطلق !
ادرت ماسورة البندقية إلى بطني ، وضغطت على الزناد ، بُم ، بُم وهويت على وجهي .
رايت وأنا انهض عن الارض مبتسماَ ان الصغير منكب على وجهه ، وأصابعه الصغيرة مبسوطة ، وخده الأيسر ملتصق بالارض ، ومن أنفه المعقوف يرشح الدم فوق شفتيه المفتوحتين قليلاَ ، وينساب خطاَ رفيعاَ على الارض . اطلقت صرخة بحيث هرع الجيران.
ولعجزي عن النهوض بقيت قاعداَ على الارض ، كان فتانا الصغير يعرف –الآن- ان عليه أن يتعلم كيف يصبر على الالم ، لكنه لما يكن يعرف شيئاَ عن الانتحار.
Admin- Admin
- تاريخ التسجيل : 25/08/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى